
بين مدة واخرى , تهب عواصف ذات روائح كريهة تزكم الانوف منشأها بؤر الفساد في مطار النجف، آخرها ما ورد في تصريحات رئيس سلطة الطيران المدني عماد الأسدي بشأن عدم معرفة عائدية مطار النجف وأين تذهب إيراداته، وأن بناءه قد كلف خزينة الدولة ملايين من الدولارات.
ومشكلة المطار ليست جديدة، تلتهب نارها وتخفت لا من اجل حلها وإنما جراء الصراع على عوائده التي يسيل لها لعاب الفاسدين المتنفذين في المحافظة، حتى الحكومة الاتحادية لم تجد سبيلا لتنفيذ قراراتها، وذلك لإخراج منفذ سيادي من سيطرتها ومنحه بحكم القانون الى الحكومة المحلية، وهي تجربة فاشلة لم تنضج مستلزماتها بعد، مثلما جرى بانفصال بعض الدوائر الخدمية عن مرجعيتها الاتحادية وربطها بمجالس ومن ثم عودتها الى اصولها لعدم نضوج مستلزمات ادارتها، بعد ان تكبد البلد خسائر كبيرة .
ان المطار انشئ على قاعدة جوية عسكرية سابقة، ويبلغ متوسط الرحلات من وإلى المطار يومياً نحو (20) رحلة، وتتضاعف في أوقات الزيارات لتصل إلى (60) رحلة يومياً، مع استيعابه لأكثر من (14) طائرة بعد توسيع مساحته الى جانب ان كلفته التي تمت تغطيتها من موارد تنمية الاقاليم، وأُثيرت بشأنها ملفات فساد فاضح بالمبالغة في كلفة انشائها، فان مدرج المطار تمت إحالته بمبلغ يصل إلى 72 مليون دولار بينما كانت الموجودات والأعمال والأجور بمجموعها تصل إلى 22 مليون دولار فقط”، و تم إنشاء قاعة للمغادرين بعقد قيمته 105 ملايين دولار فيما لا تتعدى قيمة إنجاز المشروع بعد الاكتمال والاستلام مبلغ 35 مليون دولار، واستطاع المتورطون من النفاذ بفعلتهم في هذا الفساد، فيما لم يقدم اخرون الى القضاء لينالوا جزائهم العادل، وذلك للتغطية السياسية التي يتمتعون بها .
ان إيراد مطار النجف يوازي مطار بغداد بالزيارات والإيرادات، ولكن غير معلوم الى اين تذهب ايراداته، وقد حاول مجلس الوزراء، الذي يدعي القائمون عليه بحكم الامر الواقع انه تابع الى الامانة العامة لمجلس الوزراء، إخضاعه للإدارة الاتحادية بتعين مدير من بغداد لإدارته ولكن لم يسمح له المباشرة بأعماله .
إشكالات كثيرة تستوجب اعادة النظر بمثل هذه الطريقة من الادارة والاشراف، والتعامل معه مثلما هو الحال في المطارات الاخرى التابعة لسلطة الطيران المدنية، والانتباه الى ان لا تتكرر التجربة مع مطار كركوك الذي شغل حديثا .
للأسف، ان الاحزاب والجهات النافذة متهمة بالاستيلاء على العوائد وتقاسمها ونصبت نفسها مرجعية له من دون وجه حق، سوى انها سلطة الامر الواقع .
الناس يرون ان مثل هذه المشاريع بقائها تحت إدارة الدولة واشرافها ضرورة لحفظ المال العام وتدريب الكوادر، وذلك لقلة امانة الحكومات بسبب من انتشار الفساد في مفاصلها , والادارة الصحيحة بحاجة ان تتم المحاسبة والمتابعة وخضوعها لمؤسسات الدولة الاخرى كي يسهل الاطاحة بالفاسدين .