
شمس برس/ في ذروة التخبط الذي يعيشه الملالي الحاكمون في إيران تحت وطأة الانتفاضة الشعبية المستمرة، لم ينتبهوا الى أن استهدافهم المستمر لمنظمة مجاهدي خلق باعتبارها العدو الرئيسي هو بمثابة تقديم – غیر مقصود – للبديل الوحيد لنظامهم أمام الشعب الإيراني والمجتمع الدولي.
في الأسبوع الماضي فقط، تحدث العشرات من مسؤولي النظام والعدید من وسائل الإعلام عمّا وصفوه بـ (خطر منظمة مجاهدي خلق) ! ، وقال أحد محللي النظام :” إن البعض يحاول القول بأن مجاهدي خلق مجموعة من الناس الفاشلين والمتقاعدين، وهذا خطأ ” ، ثم أوضح أن :” منظمة مجاهدي تشكل التهديد الرئيسي للنظام وأن جميع العقبات والمطبات التي عانى منها نظام الملالي طوال الـ 44 عامًا الماضية كانت بسبب مجاهدي خلق “.
وعلى أرض الواقع، كانت منظمة مجاهدي خلق هي سبب كل الضربات والهزائم التي تعرض لها نظام الملالي وفضحت برامجهم الخبيثة للعالم.
من الملفت أن الخميني كان أول مؤسس لهذا الخطاب.
وفي 25 حزيران/ يونيو 1980، قال الخميني :” إن العدو ليس أمريكا، ولا الاتحاد السوفييتي، ولا إسرائيل، ولا أي دولة أو قوة أخرى، بل إنه مجاهدو خلق الذين يجلسون تحت آذاننا في طهران”.
ومن الجدير بالذكر أن جميع الملالي، حتى أقربهم إلى الخميني، أظهروا أنهم من أنصار المجاهدين من عام 1971 إلى 1975، وهذا التقرب والدعم والتأييد لم يجعل الخميني يتخذ موقفا ضد مجاهدي خلق فحسب، بل أعلن رسمياً أن أتباعه سيخصصون جزءً من الأموال التي کانوا یقدموها للملالي لدعم مجاهدي خلق.
حینما کان ایة الله المرحوم الطالقاني یصف مجاهدي خلق بوصف الآیة القرآنیة «إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى» فإن معظم رجال الدین وطلاب الحوزات الدینیة آنذاك – ومن ضمنهم المرشد الحالي وهاشمي رفسنجاني والآخرین – یفتخرون ویتبجحون بأنهم من انصار مجاهدي خلق ویدعمونهم، لأن منظمة مجاهدي خلق هي التي کانت تقود النضال ضد نظام الشاه، غیر أن الأحوال تغییرت فور تعرض المنظمة الفتیة لضربة شبه قاضیة داخلياً من قبل تیار انتهازي یتشدق بالمارکسیة، حیث أدت الضربة إلی تلاشي تنظیمات مجاهدي خلق بشكل کبیر – عدا داخل سجون الشاه لأن الكوادر القدامی وعلی رأسهم مسعود رجوي کانوا یقودون مجاهدي خلق هناك – وفي حینه، وجد أتباع خمیني ومعظهم من الملالي فرصتهم في الخروج علی مجاهدي خلق واعتبار حرکة مجاهدي خلق غیر مؤهلة لقیادة نضال الشعب! والسبب: لأن حرکة مجاهدي خلق لا تعترف بالموقع القیادي لرجال الدین رغم أنها حرکة تؤمن بالعقیدة الإسلامیة! … ومن هذا المنطلق وجدوا فرصتهم ایضا في إعلان الحرب علی المارکسیة وعلی ” الحاد” مجاهدي خلق بأنها أوجب من الوقوف بوجه نظام الشاه والنضال من اجل اسقاطه! – وحدث ذلك ما بین 1975 إلی 1979 داخل السجون وخارجها – … وسبحان الله مغیر الأحوال!! غیر أن المنظمة رغم تعرضها لأكبر ضربة أيديولوجية وتنظيمية واغتیال بعض مسؤوليها، تمكنت – خاصة داخل السجون – من تجاوزها وکان يعود الفضل في كل ذلك لتعالیم ودروس وإرشادات من مسعود رجوي زعيم المنظمة، حیث تمكن مجاهدو خلق من خلال هذه المناهج التعلیمیة والإرشادات الرشيدة بعد هذه الضربة من عام 1975 إلى 1978 من إحياء المنظمة من الناحية الأيديولوجية بالدرجة الأولى ووضعها في فلك أعلى.
ومن خلال التخلص من تبعات ضربة الانتهازيين بأفضل طريقة ممكنة، كان ينبغي عليهم رسم حدود واضحة للغاية بين أيديولوجيتهم المتمثلة في الإسلام الدیمقراطي وبین الفلسفة المادیة للأيديولوجيات الأخری، وخاصة بینها وبین الإسلام المزيف للخميني والملالي الرجعيين.
وبهذا الترسيم مع الخميني الرجعي، استطاعوا أن ينتصروا على أصعب الضربات التي أقوى بمئة مرة من ضربات الشاه، لدرجة أنهم أصبحوا بديلاً جدياً وعدواً لدوداً لخمیني وأتباعه. وبذلك غدوا الخطر الرئيسي للدكتاتورية الرجعية، وبات الخميني يخشى بشدة من المد الاجتماعي لمجاهدي خلق وشعبیتهم الصاعدة لأنها کانت تدعو إلی المطالبة بحقوق الشعب المسلوبة تحت راية الإسلام التقدمي الديمقراطي.
واليوم، بعد 44 عاماً من الثورة المناهضة للشاه، مازال نظام خامنئي يرى حضور مجاهدي خلق تهديداً حياتياً لنظامه. وفي سبيل القضاء على مجاهدي خلق، لم يتوانَ عن تنفيذ أي جريمة بحقهم كالمذبحة التي ارتكبها بحق 30 ألف سجين سياسي، معظمهم من أعضاء وكوادر مجاهدي خلق، أو قصف معسكري أشرف وليبرتي بالصواريخ والراجمات.
والحقيقة هي أن مجاهدي خلق من خلال اعتمادهم على إرث متراكم ومكثف وثقيل من التاريخ النضالي، تمكنوا من إضافة قوة للتنظيم من خلال ترسيم الحدود بشكل حاسم وبقوة كافية مع رجعية الملالي.
وجميع الملالي الذين أظهروا أنهم من أنصار مجاهدي خلق قبل ضربة 1975 شعروا عن كثب بذلك وهم في الواقع يرون أنفسهم ونظرياتهم عن الإسلام کعقیدة متخلفة رجعیة في خطر كبير بسبب وجود مبادئ مجاهدي خلق وقراءتهم التقدمیة والدیمقراطیة للإسلام الحنیف.
على سبيل المثال، بعد خطاب مسعود رجوي في 13 حزيران/ يونيو 1980 واحتجاجه على دكتاتورية الخميني والقمع والتعذيب والضرب بالهراوات من نفس العام، أعلن الخميني بغضب أن “العدو ليس أمريكا، ولا الاتحاد السوفيتي، ولا إسرائيل، ولا أي دولة أو قوة أخرى، بل هم مجاهدو خلق الذين يجلسون تحت آذاننا في طهران “.
لكن خلال هذه السنوات الـ 44، رأوا بوضوح أن منظمة مجاهدي خلق ليست منظمة يمكن تدميرها، وهم من يجب أن يغادروا المشهد، كما قال وكتب بعض مسؤولي النظام رسمياً :” مجاهدو خلق مازالوا على قيد الحياة من الناحية الهيكلية وهناك مجموعات من الشعب وخاصة شریحة الشباب تريد الانضمام إليهم” ، و “حقيقة أن مجاهدي خلق على قيد الحياة اليوم يجب أن تكون مهمة للحكومة ويجب التحقيق فيها لفهم الأمر بشكل أفضل ” و “منظمة مجاهدي خلق استقطبت البلاد” و “قضية مجاهدي خلق هي قضية يومنا هذا”.
ولذلك يضطر خامنئي مجبوراً إلى تقديم عنوان منظمة المجاهدين كبديل وحيد له. لكن هذا المصير، في عملية جدلية، يدفعه وکیان حكمه إلى حافة المزيد من البؤس واليأس.
وهذا هو المأزق الذي لا مفر منه الذي تقع فيه القوى المحتومة بالهلاك والمناهضة للشعب في عملية الانحلال والانهيار.