
شمس برس/ نظام ولاية الفقيه في إيران يشبه أخطبوط تمتد أذرعه الى كل شؤون البلاد، يتغلغل في كل قطاعات الاقتصاد ويسيطر على أبسط مصادر رزق الشعب عبر المافيات الخفية التي تبتلع كل شيء أمامها دون أن تشبع، ولا يوجد أي جزء من المجال الاقتصادي والاجتماعي في إيران لا يخضع لسيطرتها، من مافيا السينما والتعليم إلى مافيا الأرز والسكر واللحوم، إلى مافيا الورق والذهب والسيارات وامتحانات القبول وغيرها.
وأغرب المافيات في أرض ملالي إيران هي مافيا القمامة، في عام 2022 وعد نظام الملالي المعادي للإنسان، على لسان أحد زعماء هذه المافيا، علي رضا زاكاني، عمدة طهران بـ ” ازالة مافيا جمع القمامة قريبا! ” ، وقال :” في الأسبوع الأول من آذار/ مارس سيتم الكشف عن تطبيق خاص بإعادة التدوير للمواطنين، وبهذا الإجراء سيتم جمع مافيا النفايات وأطفال جامعي القمامة! “. بالطبع، حتى في ذلك الوقت، لم يشك أحد في أن هذا أيضاً يشبه الوعد ببناء مليون منزل، وهو جزء من سلسلة أكاذيب إبراهيم رئيسي الجلاد وأذنابه.
وفي أحد التقارير الأخيرة عن مافيا القمامة، كشفت صحيفة (اعتماد روز) يوم 15 تشرين الأول/ أكتوبر الستار عن آلية اخرى لهذه المافيا، من خلال هذا التقرير، يتضح أن كسب المال في هذه الظاهرة المسماة (اقتصاد القمامة) مهم للغاية بحيث تكون له مساهمة كبيرة في (نظام الاقتصاد غير الرسمي) لنظام ولاية الفقيه من خلال تغطية أعداد كبيرة من العمالة في المجتمع الإيراني.
وتعطي هذه الصحيفة توضيحات حول (دوائر جمع القمامة الخمس) التي يتم تبادل النفايات بينها: الدائرة الأولى هي جامعو القمامة، تعتبر هذه المجموعة بمثابة نوع من الجنود المشاة، هؤلاء الأشخاص، الذين يجب تسميتهم ضحايا، يتعرضون لأبشع أنواع الاستغلال وأقذرها، ويقضون معظم حياتهم يتنقلون بين صناديق القمامة، إن استخدام عبارة (جندي المشاة) هو أمر صادم ومحزن في نفس الوقت، وهو تذكير بالحرب التي أحرق فيها خميني كل مواهب البلاد، والنظام الآن يبدد هذه الطاقات والامكانيات بطريقة مختلفة.
إن خطورة استغلالهم تكمن في أنهم يضطرون إلى دفع ضريبة قسرية (إتاوة) للبلدية (أي لنفس الحرسي زاكاني) مقابل جمع القمامة، وكم مقدار الإتاوة في اليوم والشهر؟ لا أحد يعلم، ومافيا القمامة ليست مسؤولة أمام أحد، وبحسب بعض جامعي القمامة، ولكي لا تعرقل البلدية عملهم في المدينة، يقوم مديرو جمعيات القمامة غير الرسمية بدفع أموال مقابل نشاطهم، ولم يكشفوا في أحاديثهم عن مقدار هذه الأموال”!
وطبعا هذه ليست السلسلة الكاملة بل هي فقط بداية السلسلة، والحلقة الثانية تتعلق بالبلدية أو مقاول البلدية، فالمقاولون هم منفذو المافيا من المستوى التالي الذين يعهد إليهم المقربون المرتبطون بالبلدية والحرس بالتعامل مع جامعي القمامة كيفما يشاؤون، وفي الحلقة الثالثة توجد ورش تدوير القمامة، إذ يوجد عدد من عمال فرز القمامة، ومسؤوليتهم أن يبحروا في بحر القمامة والمخلفات مقابل لقمة خبز، والحلقة الرابعة تتضمن صهر المعادن وصناعة الصلب ومصانع التعبئة وغيرها، وهي إما أن تكون في أيدي عملاء الحكومة والحرس بشكل كامل ومباشر، أو يجب أن تعطي حصة المؤسسات الحكومية بشكل غير مباشر. أما الحلقة الأخيرة، وهي المشترون الأجانب من الدول المجاورة، فيتعين عليهم المرور عبر قناة (الإخوة المهربين) والتعامل مع الجمارك والأرصفة التي تديرها مافيات أخرى. ولذلك، إذا نظرنا إلى هذا النظام القذر من الأعلى إلى الأسفل، سنصل إلى تنين الفساد وحكم خامنئي ذي الرؤوس السبعة.
20 مليار تومان يوميا!
وبمزيد من التحقيق في هذه المافيا، يتضح أنها تدرّ دخلاً ضخماً للنظام، ونحن لانتحدث عن مال ضئيل، بل نتحدث عن (مليارات التومانات) يتم تحصيلها عبر جمع النفايات، وتقدر هذه الصحيفة القيمة الأولية لرأس المال المتداول للطبقات الداخلية لاقتصاد النفايات غير الرسمي في طهران بـ 20 مليار تومان يوميا! لذا فمن الواضح أن نظام ولاية الفقيه لن يتخلى عن تجارة النفايات مهما كان الثمن. حتى على حساب دفن أجيال من الأطفال والشباب.
وأشار أحد مديري بلدية طهران، وهو في الواقع أحد رؤساء المافيا نفسها، إلى الإحصائيات المؤلمة المتمثلة في أن 70% من الأطفال العاملين هم أعضاء في شبكات جمع القمامة، وقال إن :” أكثر من 70% من الأطفال في التقاطعات هم شبكات مافيا وقد تعاملنا مع هذه الشبكات وسوف نتخذ إجراءات جدية بشأنهم ” (صحيفة فرهيختكان، 16 تموز/ يوليو) ، لكن وبما أن السكين لا يقطع مقبضه، فلن تكون هناك أي مواجهة جادة وجذرية مع هذه المافيا قبل الإطاحة بهذا النظام الإجرامي.