
منذ تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي، أصيب المئات من طالبات المدارس في إيران بأضرار صحية خطيرة بعد إطلاق غازات سامة داخل مدارسهن.
في 1 آذار/ مارس، تم استهداف ما لا يقل عن 26 مدرسة للبنات في طهران وخمس مدن أخرى بهجمات مماثلة بالغاز السام، وتم نقل العديد من الطالبات إلى المستشفيات.
إن هذه الأعمال الإجرامية أدت إلى تصعيد الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، حيث اتهم المتظاهرون المرشد الأعلى للملالي علي خامنئي وحرس الملالي القمعي ووحدات الباسيج شبه العسكرية بالوقوف وراء هذه الهجمات واعتبروهم المسؤولين عن مآسيهم.
وبحسب منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة، فإن الاحتجاجات الجديدة تأتي بعد شهور من بدء الانتفاضة في 282 مدينة على الأقل، حيث استشهد أكثر من 750 شخصاً واعتقلت قوات النظام أكثر من 30 ألفاً، وإلى جانب هتافات المتظاهرين بعبارة (الموت لخامنئي) ، أصبحوا يهتفون الآن (الموت لنظام قاتل الأطفال) .
وفي غضون ذلك، تقوم الحكومة الإيرانية بمناقضة نفسها، معترفة بأنها لا تستطيع العثور على أي مرتكبين لكنها تلقي باللوم على معارضيها في الأعمال الإجرامية.
في الواقع، هناك شك واسع النطاق بأن الحكومة تنتقم من طالبات المدارس الإيرانيات لأنهن كن يقمن بالاحتجاج على الحكومة منذ وفاة مهسا أميني في أيلول/ سبتمبر 2022.
كانت الفتاة البالغة من العمر 22 عاماً تقف بالقرب من محطة مترو أنفاق بطهران مع أسرتها عندما احتجزتها (شرطة الآداب) لارتدائها الحجاب (بشكل غير لائق) ، أصيبت مهسا بجروح قاتلة في ذلك اليوم أثناء وجودها في أحد مراكز الاحتجاز.
ومنذ وفاتها، يحتج الإيرانيون من جميع المحافظات ومن جميع شرائح المجتمع على حكومة الملالي. كانت النساء والطلاب في طليعة هذه الاحتجاجات، وغالباً ما يخلعون الحجاب ويلوحون به.
وقالت مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية :” إن عمليات التسميم الكيدية هذه هي بمثابة أداة للانتقام من الفتيات في الانتفاضات، وإن إطلاق الغازات السامة في مدارس الفتيات يتزامن مع الإجراءات القمعية الأخرى للحكومة ضد شعبها، لقد أرسلت الحكومة بالفعل رسائل مختلطة “.
وكتب موقع بهار نيوز في 27 شباط/ فبراير :” اعترف نائب وزير الصحة للأبحاث بأن تسميم الطالبات كان متعمداً وقال إن بعض الناس يريدون إغلاق مدارس البنات فقط، لكن حتى الآن لم يتم اعتقال أي من مرتكبي هذه الأعمال الإرهابية “.
وفي 1 آذار/ مارس، قالت زهرة شيخي، المتحدثة باسم لجنة الصحة في مجلس شورى الملالي، لموقع اعتماد الحكومي ، إن :” 800 طالبة أصبن بالتسمم في قم و 400 في بروجرد “.
كما قال علي رضا منادي، رئيس لجنة التعليم بالمجلس، في 1 آذار/ مارس، أنه :” بناءً على نتائج الاختبارات، كان غاز N2 موجوداً في السم الذي تم إطلاقه في المدارس ” ، بحسب وكالة الأنباء فارس التابعة لحرس الملالي.
وغاز N2 خطير لأنه يمكن أن يؤدي إلى الاختناق في ظل ظروف معينة.
ومع ذلك، في اليوم نفسه، بدا وزير الداخلية أحمد وحيدي بوقاحة أنه يقلل من أهمية حوادث التسمم عندما قال :” ان أكثر من 90٪ من حالات التسمم لم تكن ناجمة عن عوامل خارجية، وكان معظمها ضغوطاً ومخاوف ناتجة عن إثارة هذه القضية … حتى الآن … لم يتم العثور على حالات يمكن القول إن سبباً معيناً لها ” ، بحسب وكالة أنباء فيلق القدس (تسنيم).
لكن الآباء والطلاب قلقون بشكل متزايد: في 1 آذار/ مارس، تم تسميم طالبات العديد من المدارس الثانوية في طهران وبرند ونارمك. وسرعان ما تجمع الطلاب وأهاليهم خارج هذه المدارس ورددوا هتافات (عار، عار) و (الموت للدكتاتور) و (خامنئي المتعطش للدماء! سندفنك تحت الأرض).
وقامت قوات الشرطة القمعية، ولا سيما العملاء في ثياب مدنية، بتهديد العائلات وضرب إحدى الأمهات بقسوة واعتقالها. وفي الوقت نفسه، في نفس اليوم، أصيبت طالبات ثماني مدارس للبنات في أردبيل بالغاز السام، وفقًا لوكالة الأنباء الحكومية ايسنا.
قال غني نظري، نائب المجلس في التلفزيون الرسمي للنظام، إن قرابة 100 طالبة أصبن بالتسمم في ذلك اليوم.
وقد حاول نظام الملالي إخفاء مسؤوليته عن هذه الجريمة من خلال التقارير الحمقاء في وسائل الإعلام التي يسيطر عليها أنه تم اكتشاف “آثار تورط منظمة مجاهدي خلق” في عمليات التسمم.
وكتبت صحيفة همشهري أن تغريدة السيدة رجوي بخصوص استمرار هذه التسممات (بطريقة ما) أظهرت أن منظمة مجاهدي خلق متورطة في هذه التسممات، لأن منظمة مجاهدي خلق تريد “إثبات” أن الجمهورية الإسلامية لديها “سياسات معادية للمرأة”.
ونددت السيدة رجوي في بيانها يوم 14 فبراير بالهجمات بالغاز. وقالت إن التسمم المتسلسل للطالبات لم يكن عرضياً، بل جريمة منهجية ونتيجة لنية خبيثة في نظام تضاعفت هستيريا كراهيته للنساء بسبب دور الفتيات في الانتفاضة.
وفي 1 آذار/ مارس، صرحت السيدة رجوي أن أتباع خامنئي قد استبدلوا واستكملوا دورية الإرشاد بهذا العمل الخبيث واستخدموها كأداة للانتقام من الفتيات في الانتفاضة.
وقالت السيدة رجوي: “إن التسميم المتعمد لطالبات المدارس في قم وطهران وأردبيل وكرمنشاه وما إلى ذلك مستمر، حيث يستخدمه أتباع خامنئي للانتقام من الفتيات الناشطات خلال الانتفاضة، إنه مكمل لعمل شرطة الآداب، إنني أحث شباب إيران الشجعان على الاحتجاج، وأدعو دعاة حقوق الإنسان والطفل والمرأة إلى إدانة جريمة النظام البشعة. يجب على المقررين الخاصين للأمم المتحدة، ولجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة استجواب نظام الملالي على الفور “.
ودعت منظمة الصحة العالمية لإرسال وفد للتعامل مع المأساة “، وقالت الرئيسة المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية على وسائل التواصل الاجتماعي :” إن التسمم المتعمد للطلاب في مختلف مدن إيران جريمة بشعة بحق الأطفال الأبرياء، وتعكس هذه الجريمة الطبيعة الوحشية والقمعية للنظام الإيراني، الذي له تاريخ طويل من انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك إساءة معاملة النساء والأطفال، يعتبر النظام هؤلاء الفتيات تهديدًا لسلطته ويستخدم هذا الفعل الخبيث لقمع أصواتهن وإسكات مطالبهن بالحرية والديمقراطية “.
————————————————-
سعيد عابد عضو في لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وناشط في مجال حقوق الإنسان، وخبير في شؤون إيران والشرق الأوسط.